2006/10/05

!سجن الأمومة والزواج


فوجئت بها تقتحم عزلتي،وهي منهارة تماما، وبعد محاولات لتهدئتها،
سألتها عن السبب، قالت:يتصور أنه بصك الزواج، يستطيع أن يمتلك أفكاري، تخيل نفسه "سجان" طموحي وتفاعلي معما يدور في واقعي من أحداث.قلت: عروستي؟!!قالت: سأحكي لك الحكاية منأولها.

بدأت ملامح الأزمة تتشكل منذ شهر تقريبا، فكما تلاحظين حالة الفوران التي تشهدها شوارعنا العربية، والتي وصلت في مصر الى مرحلة المخاض كما يحلو للبعض تسميتها، وفي ظل هذه الحالة وخروجالناس في مظاهرات واعتصامات من أجل التغيير، وبحكم عملي واهتماماتي، تجديني لستبعيدة عن هذا المناخ والذي أعيشه منذ الحركة الطلابية في الجامعة، و حتى الآن.وذاتيوم كان هناك تجمع "للأمهات المصريات" في نقابة الصحفيين المصريين عنوانه" الشارعلنا"، والمدهش أن هذا التجمع-ولأول مرة في الحركات المدنية المصرية- أتاح للأمهاتأن يشاركن في هذه الفعالية وفي نفس الوقت تكون لديهن الفرصة لاصطحاب أبنائهن معهن،ليس هذا فحسب، بل استطاع التجمع توفير مكان للأبناء للعب وممارسة الأنشطة برفقةمشرفة متخصصة، تقوم بمتابعة الأطفال أثناء انشغال الأمهات في الندوة.
قلت: جميل وأينالمشكلة إذن؟قالت: بكل حماس أخبرت زوجي برغبتي في الذهاب، وأيضا بمفاجأة إمكانيةاصطحاب أبنائي معي. فما كان منه الا أن عدل من جلسته، وأخذ رشفة من فنجان قهوته،وارتسمت على ملامحه الجدية والهدوء وكأنه على وشك إلقاء موعظة للتاريخ، وقال: لابدأن تعرفي أن حدود تحركك واحتكاكك تقتصر على أوقات العمل فقط، وهي الفترة "المسموح"لك بها أن تكوني خارج المنزل..وما غير ذلك فهو غير مقبول على الاطلاق، ولا تنسي أنكزوجة وأم!استطردت صديقتي حديثها..وقع علي هذا الكلام كالصدمة، فطوال 7 سنوات هي عمرزواجنا لم يعلنها صراحة بهذا الشكل القاسي، فهو بهذا الحديث اعترف بأنه يقوم بدور"السجان" باحتراف في سجن "الزواج" و"الأمومة".

وأضافت.. هل بالفعل(الزواج والأمومة) هما سجن طموحات المرأة؟! وهمهمت فيما يشبه الهذيان: لم تكن هذهأول مرة، لقد كانت هناك ممارسات سابقة صدرت منه، لكني لم أخذها على محمل الجد، ففيالأسبوع الماضي دعتني صديقتي "الفنانة التشكيلية" المعروفة لحضور افتتاح معرضها في"دار الأوبرا" وعندما أخبرته بنيتي في الذهاب..اندهش للغاية ولم يفهم معنى رغبتي فيالمشاركة..لم يفهم أن حضور مثل هذه العروض وكأني قرأت كتاباكاملا.

ثم رددت لم يفهم..لميفهم!!بعد أن تركتني صديقتي أخذت أفكر في وضع المرأة بعد الزواج، وتساءلت هل كونهاأصبحت "أم" و"زوجة" يعني تخليها عن أفكارها وطموحاتها وإيجابيتها في المجتمع؟ ألاتضفي هذه المشاركة المتوازنة على دورها كأم وزوجة ثراء على ثراء؟ أنا على يقين بأنهناك فرقا سيحدث في بيتها وفي تربيتها لأبناءها، سينعكس بالضرورة على منحولها.فالمرأة-كما أراها واقعا في مجتمعاتنا الشرقية- كالشمس تنشر الدفء على منحولها، هي أوزوريس التي تظلل بجناحيها عائلتها، تزودهم بالرعاية والحنان، هي"دينمو" المنزل القادرة على بث الحيوية والحماس في أرجائه..

فكيف لا نرعى دور بهذاالحجم وهذا التأثير، كيف لا نثري عقل من يؤدي هذا الدور بحجة سلطة أبوية لا معنىلها سوى استعراض عضلاتها .كيف لا يعي كل زوج تخيل نفسه "الآمر والناهي" في كل مايخص زوجته أهمية هذا الدور الذي يشكل ملامح جيل قادر على التغيير وإصلاح ما أفسدناهبأنفسنا؟!

No comments: